يوميات القـ.ـصف والدمـ.ـار في غزة.. طفلة تسأل: ماما.. هل سيقصـ.ـفوننا؟ وماذا نفعل لو استشهدتِ؟

يوميات القـ.ـصف والدمـ.ـار في غزة.. طفلة تسأل: ماما.. هل سيقصـ.ـفوننا؟ وماذا نفعل لو استشهدتِ؟
شفق بوست – وكالات
يسرق أزيز الرصـ.ـاص وهدير قصـ.ـف الطائرات النوم من جفونهم، بينما هم يحتـ.ـالون عليها ولو دقائق ليريحوا بها أجسادهم التي أرهقها السهر، ضاق بهم المكان، وعبث بهم الخـ.ـوف حتى بلغت قلوبهم الحناجر.
تتكدس أجساد أفراد العائلة الستة، الوالدان و4 أطفال، في غرفة واحدة صغيرة في شقتهم السكنية في بلدة عبسان الكبيرة جنوبي شرقي قطاع غزة، منذ انـ.ـدلاع الحـ.ـرب الإسرائيلية، “مثل السردين المعلب”، كما تصف الحال الأم راوية عوض.
تقول الأم -التي تعمل معلمة في مدرسة حكومية للمرحلة الابتدائية- إنها تتعب خلال النهار في البحث عن نشاطات مبتكرة تشغل بها أطفالها وتعزلهم عن أجواء الرعب.

غير أن إحدى البنات الصغيرات تباغت الأم بسؤال مفـ.ـاجئ تقف أمامه عاجزة عن الإجابة: “ماما شو (ماذا) نعمل من بعدك لو استـ.ـشهدت؟”، رغم براءته فإنه يشكّل صـ.ـدمة لها بكل المعاني.
يكـ.ـسر هذا الوجوم صوت ولدها محمد (15 عاما) وهو يعطي التعليمات لشقيقاته الثلاث عن أفضل طريقة آمنة برأيه لإخلاء المنزل وقت الخـ.ـطر.
أسئلة مصـ.ـيرية
تقطن المدرّسة راوية عوض مع أسرتها في شقة سكنية داخل بناية عائلية تحتوي على شقق يقطنها والد زوجها وأشقاؤه، وتبعد نحو 3 كيلومترات عن السياج الأمني الفاصل مع قطاع غزة.
وقد نجت العائلة خلال حـ.ـرب العام 2014 من مـ.ـوت محقق، عندما اختـ.ـرقت قـ.ـذيـ.ـفة مدفـ.ـعية شقتها وشقتان أخريان ومنزل جيرانها، محدثة دمـ.ـارا كبيرا، وقالت “لا تزال هذه الحـ.ـادثة في ذاكرة أطفالي، وتدب الـ.ـرعب في قلوبهم”.
وأضافت: كانت تجربة قاسـ.ـية، أطفالي احتموا داخل خزانة الملابس، وكنت وزوجي في غرفة مجاورة لتلك التي اخـ.ـترقتها القـ.ـذيفة
خرجت مذعورة أبحث عن أطفالي ووجدتهم أرضا وقد غطى الغبار وشـ.ـظايا القـ.ـذيفة أجسادهم.
“وبالأمس سألتني ابنتي جنى وكانت في ذلك الوقت في الخامسة من عمرها، هل سيقـ.ـصفوننا كمان مرة؟”
وتتساءل عوض “بماذا أجيب طفلة وهي ترتعد في كل لحظة من شدة القـ.ـصف؟”.
وتتعامل عوض مع مثل هذه الأسئلة مرة بإشـ.ـغال أطفالها بأمور أخرى، وفي مرات كثيرة لا تجد أمامها إلا توعيتهم بحقيقة ما يجري، وتقول “أطفالنا يكبرون قبل الأوان من هول ما نراه من احتـ.ـلال لا يرحم”.
طـ.ـوارئ منزلية
جمعت عوض كل متعلقات الأسرة من أوراق ثبوتية وبعض الملابس في حقيبة صغيرة ووضعتها منذ اليوم الأول للحـ.ـرب بجوار باب شقتها كي يسهل عليها حملها والنجـ.ـاة بأطفالها عند وقوع أي طارئ.
ومع وقوع أول غـ.ـارة إسرائيلية على غزة مساء الاثنين الماضي سارعت للتزود بكمية إضافية من الدواء لابنتيها المريضتين جنى (11 عاماً) وجوري (8 أعوام)، خشية أن تطول أيام الحـ.ـرب.
ويواجه سكان قطاع غزة صـ.ـعوبة كبيرة في الحركة والتزود باحتـ.ـياجاتهم المنزلية في ظل تحليق مكثف للطيران الحـ.ـربي الإسرائيلي، الذي ينشر المـ.ـوت ويبث الرعب.
وتقول راوية، في اليوم الثاني للحـ.ـرب قصـ.ـفت طائرات الاحتـ.ـلال سيارة لتوزيع أسطوانات الغاز المنزلي على مقربة من منزلي “فلا أحد في غزة في مأمن من الاستهـ.ـداف”.
وتزود سكان بكميات إضافية من المواد الغذائية، في وقت لم تسعف فيه الحالة الاقتصادية المتردية الغالبية من القيام بذلك
مع اعتماد نحو 80% من بين مليوني نسمة في القطاع على المساعدات الإغاثية، بحسب الأرقام الصادرة عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” (UNRWA).
وفقد ياسر عوض، زوج راوية، عمله في صيانة الغسالات المنزلية منذ انـ.ـدلاع الحـ.ـرب، وتشير إلى أن زوجها كان يعمل يوميا بأجرة لا تتعدى نحو 6 دولارات أميركية
ومنذ انـ.ـدلاع الحـ.ـرب لا يتحرك من المنزل، والمواد الغذائية المتوفرة تكفيهم لبضعة أيام فقط.
تأثيرات نفسية
وفي هذا السياق، توصي الأخصائية النفسية ألفت المعصوابي الأسر في غزة بتوفير الحماية البدنية والنفسية لأطفالها قدر المستطاع بإبعادهم عن أماكن الخـ.ـطر والتعرض للأخبار العـ.ـنيفة.
وقالت للجزيرة نت: إن أجواء الحـ.ـروب تؤثر على شخصيات الأطفال ونموهم العقلي والبدني السليم، وتترك عليهم أعراضا سلوكية تظهر لاحقا كأحلام مزعجة وتصرفات عـ.ـدوانية.
وأضافت أن الطفل ليس غبيا ويشعر بما يدور من حوله، ولديه القدرة على المبالغة في تخيل الأمور
ويتوجب على الأهل الإجابة على أسئلة الطفل بمنطقية وشرح الواقع له بما يتناسب مع عمره، فليس من الصواب تضليله.
ونصحت المعصوابي الأهل بالروايات والقصص التي تعزز ثبات الأطفال واستقرارهم النفسي.
المصدر : الجزيرة